إرتدت ابنتي زي المدرسة وحملت حقيبتها الصغيرة متجهة برفقتي إلى روضة الأطفال في أول يوم لها في الروضة..وهي ترقب بعينيها البريئتين أصدقائها الأطفال مابين باك، وكاتم للدموع، ورافض للمدرسة كليا.
وبينما أنا مبتهجة لرؤية إبنتي التي تكبر سريعا بإبتسامتها البريئة التي تنسيني هموم الدنيا تقاطعني صغيرتي..
ماما.. إنظري إلى تلك الصغيرة.. مسكينة يبدو أن أمها ماتت فالخادمة هي من أتت معها اليوم..وإنظري إلى هذا أيضا.. وهؤلاء كذلك..هل كلهم ليس لديهم أمهات..؟؟
إنه منظر مزعج فعلا..عدد لا بأس به من البراعم الجميلة تستأنس النفوس برؤيتهم في لحظات تستحق التصوير وتخليد ذكراها لأهميتها بالنسبة للطفل وأمه وأسرته جميعا.. نجد الخادمة هي من إستمتعت بتلك اللحظات الجميلة وسرقت رونقها.. هي من رافق الطفل وشاركه أول أيام تعليمه..
هذا يبكي فتضمه الخادمة.. وآخر يتعلق بثوبها لكي لا تذهب وتتركه وحيدا.. وأخرى تشجع وتصفق للطفل لأنه تركها تذهب وجلس بمفرده..!!
وحين نذهب إلى المستوصفات والمراكز الطبية فنجد الطفل محمولا على كتف الخادمة التي تنزل من سيارة السائق لتعرض مشكلة الطفل الصحية على الطبيب..فهي أكثر معرفة بشكوى الطفل من أمه التي حملته تسعة أشهر وولدته وأرضعته من صدرها..!! هي من نام في حضنها وأكل من يديها وجلس معها الساعات الطوال.!
إن خروج الأم للعمل أو الدراسة ظاهرة متنامية لها إيجابياتها الكثيرة ولا ننكر ذلك فهي ترقى بالمجتمع وتزيد من ثقافة المرأة وثقتها بنفسها وتساهم مع الرجل في تحمل أعباء المنزل ومتطلباته وخاصة في ظل إرتفاع الأسعار.. ولكن من الضروري أن توازن الأم العاملة بين عملها داخل وخارج المنزل وألا تتكل كليا على الخادمة وخاصة في مجال متابعة الأبناء والعناية بهم.. فالأطفال يدينون لمن يقدم لهم كافة الخدمات فيشعرون تجاهه بالحب ويتعلمون منه ويسلكون سلوكه.
لقد أخذت الخادمة في بعض البيوت دورا كبيرا حتى باتت في أغلب الأحيان على علم بعادات الزوج وطبائع الطفل بل قد تساعد الأبناء أحيانا على حل واجباتهم المدرسية في اللغة الإنجليزية والفنون والخياطة.. وقد تتولى أيضا الرد على المكالمات الهاتفية.
ينبغي على الأم أن تبقي على دورها في الأمومة وتربية الأبناء وعدم إحضار خادمة إلا عند الضرورة القصوى.. وألا يتعدى دور الخادمة التنظيف والمساعدة في المطبخ.. وأن يبقى دور الأم هو الأساس والأصل ويبقى دور الخادمة هامشيا..
وإذا إنشغلت الأم عن الولد بحكم العمل عوضته عما إفتقده من رعاية في ساعات غيابها ببذل جهد أكبر عند وجودها معه وأن تحسن إختيار الخادمة وتخاف الله فيها ولا تكلفها فوق طاقتها وأن تعاملها بعطف ورحمة.
الكاتب: سمية السحيباني.
المصدر: موقع رسالة المرأة.